تقرير : صلاح صابر
قبل عامين تقريبا وقف وزير الطاقة اللبناني الاسبق جبران باسيل على متن باخرة على بعد نحو 120 كلم جنوب غربي ساحل بيروت وخاطب الصحفيين قائلا إن المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد كشف بأن المياه الجنوبية للبلاد تحتوي على 12 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي؛ وهذا يعنى أن لبنان تقف على مكمن غازي كبير تقديراته الأولى على مساحة ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، وهو لا يقع ضمن المياه المتنازع حولها مع اسرائيل والبالغة مساحتها 850 كيلومترا مربعا.
وأشار الوزير اللبنانى الاسبق إلى أن الكمية المكتشفة تكفي لتلبية حاجيات محطات الكهرباء في لبنان لمدة 99 عاما فقط في مكمن واحد، مضيفا ان هناك أكثر من نقطة نفط وغاز في جنوب وشمال البلاد وقبالة سواحلها..وهنا يعبر الوزير اللبنانى عن احساسه بان الامال كبيرة أمام هذا البلد الذى أثقلت كاهله الحروب والازمات لعقود طويلة إلا أنه لا يبدو أن الظروف السياسية التى تواجه البد الصغير الجميل قد تسمح له حاليا بان يطلق المسئولون فيه أحلامهم لابعد مما تتحمله ظروف بلدهم.
فلبنان الذى كاد للتو أن ينجح فى تخطى صعوبات تشكيل الحكومة الجديدة يجد نفسه أمام صعوبات أمام حكومته تعجزها عن القيام بوظائفها على وجه كامل بسبب طبيعة المحاصصة الطائفية التى تحكم تشكيل هذه الحكومات والحكومات التى سبقتها وبسبب الاوضاع فى سوريا واستمرار حالة الحرب مع اسرائيل .
وفى خطوة جديدة قام وزير الطاقة الحالى أرتور نظريان بحث مجلس الوزراء في مارس الماضى على التصديق على قرار لترسيم الامتيازات وتحديد شروط العقود - وهي خطوة ضرورية لبدء العطاءات - وتعهد بأن المشاكل السياسية لن تكبل يد وزارته.
ويقول محللون إن الإجراءات المعقدة وتداعيات الحرب في سوريا والنزاعات بشأن الحدود البحرية تشكل عقبات في وجه المستثمرين المحتملين. والبعض يرى أن الشروط المالية المقترحة التى تضعها الحكومة أمام شركات التنقيب عن الغاز اللبنانى فى البحر المتوسط صارمة وهو الأمر الذي يثني الشركات رغم احتمال العثور على موارد كبيرة.
وقالت مصادر لوكالة رويترز إن شركات للطاقة الاوربية مثل شتات أويل النرويجية وايني الايطالية لم تعد تبدي سوى اهتمام فاتر على أفضل الأحوال بالاستثمار فى لبنان رغم تأهلها لخوض جولة أولى طال انتظارها لترسية التراخيص.
ويقدر المسؤولون حجم الاحتياطيات البحرية من الغاز بما يصل إلى 96 تريليون قدم مكعبة؛ وإذا تأكد ما يقال عن احتياطيات لبنان من الغاز فانه سيحتل المرتبة الخامسة عشرة عالميا من حيث حجم الاحتياطيات بحسب ترتيب بي.بي لموارد الغاز العالمية في 2012 إلا أنه فى المقابل من المرجح أن تكون الكميات القابلة للاستخراج أقل بكثير في ضوء نقص بيانات الحفر في لبنان كما أن التنقيب عن الغاز بالمياه الإقليمية للبنان لن يخلو من صعوبات، فعمق البحر يناهز 2150 مترا، "مما يجعل عمليات الاستخراج صعبة ومعقدة وتتطلب وقتا".
وقالت مصادر بقطاع الطاقة اللبنانى لوكالة رويترز إن هناك أيضا عدم وضوح بشأن حجم الأرباح التي يمكنه تحقيقها من أي اكتشافات للغاز. وفي حالة التصدير ليس من الواضح نوع البنية التحتية الضرورية وتكلفة تشييدها. ومن المستحيل بسبب الصراعات الإقليمية الدخول في مشاريع مشتركة مع إسرائيل أو سوريا وهو ما كان سيخفض تكاليف التصدير.
لكن حتى ذلك الجزء الضئيل يكفي لإحداث تحول بالنسبة لبلد يقطنه نحو أربعة ملايين نسمة ويعتمد على واردات باهظة التكلفة من النفط وقد يجعله مصدرا للغاز نظرا للطلب المحلي المحدود. ويأمل لبنان أن تساعد اكتشافات الغاز الضخمة في معالجة ارتفاع مستوى الدين العام والنقص المزمن في الطاقة الكهربائية وهى مشاكل جد مزمنة .
ومن حق المسئولين فى لبنان أن يحتفظوا بالقدرة على الامل فلبنان مازال فى جدول تصنيف المخاطر الإجمالية أقل بكثير من بلدان أخرى في المنطقة مثل العراق وإيران وهو ما قد يدفع الشركات للتوجه إليه.