كتبت/ منى العزايزى
عرض المركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة بمقره بالمنيرة فيلما وثائقيا فى ذكرى ميلاد رفاعة الطهطاوى من اخراج المخرج صلاح هاشم مصطفى أثار جدلا واسعا بين مشاهدى العرض .
أراد مخرج الفيلم أن يتمثل روح رفاعة فى رؤيته للفوارق الواسعة بين عالمين ؛ محاولا استنهاض عالمه الذى جاء منه لينفض عنه الرماد ليستعيد مجده حين يرى أفضل ما وصل إليه الغرب (ممثلا فى فرنسا ) حين اخذ بعوامل العلم والمعرفة وبالتفكير البعيد عن الخرافة.
وقال المخرج أنه يحاول فى هذا العمل أن يكرر نفس التجربة لعرض الفارق بين واقعين أحدهما شمال المتوسط والاخر على جانبه الجنوبى . غير أن مخرج الفيلم على ما يبدو لم يوفق فى عمله بشكل يرضى جمهور مشاهدى الفيلم على قلة عددهم ؛ وأغلبهم من طلبة الجامعة الفرنسية بالقاهرة وعدد من الفرنسيين المقيمين بالقاهرة وبعض الصحفيين .
الفيلم لم يستطع مخرجه أن يجتهد حتى للوصول إلى المعلومات الاساسية عن رفاعة الطهطاوى ؛ فحينما أراد أن يصور حال موطن رائد التنوي فى مصر فى العصر الحديث وأن يينا قريته الان اختار محافظة أسيوط بدلا من محافظة سوهاج الموطن الحقيقى لرفاعة الذى لا يعرفه مخرج الفيلم بشكل جيد عهلى ما يبدو ؛ وحتى البيت الذى صوره المخرج فى الفيلم على انه منزل رفاعة الطهطاوى لا علاقة له بمنزله الحقيقى؛ وهو ما عبر عنه بوضوح أحد الحضور بعد نهاية العرض .
انطلق المخرج فى رؤيته من تصورغير صحيح حول الفارق بين الحضارتين: الشرقية والغربية حيث رأى أن الفارق بينهما هو ارتفاع المبانى وجودة طلائها وغياب الفقر عن ملامح وجوه الاطفال بالشوارع ؛ وعمد إلى عمل مفارقة بين هذه الصورة فى فرنسا وبين مقابلها المصرى: أطفال فقراء فى منطقة عشوائية قرب السيدة زينب .وكأن الفارق بين الحضارتين كما يريد أن يقول المخرج قابع فى هذا الجانب الشكلى حسب رؤيته؛ فى المقابل كان رفاعة الذى قال المخرج انه يتمثل خطاه أكثر عمقا حيث نظر إلى التطور الاجتماعى والسياسى والفكرى ونمط العلاقات الاجتماعية الاقتصادية فى كلا البلدين أكثر من تركيزه على الجوانب الشكلية وإن لم يهملها أيضا .
وقد لقى الفيلم استهجانا من عدد من الحاضرين معتبرين أنه يمثل اساءة لمصر؛ قائلين إن الفيلم لا يشعرك إلا أن مخرجه (المصرى) ينطلق من شعور ذاتى بالدونية والتقزم فى مواجهة الثقافة الفرنسية وهو ما يصعب قبوله على شعب مصر الذى أطلق فجر الضمير وعرف بانه يصنع الحضارة فى وقت فراغه حسبما يقول بعض المراقبين .
وعلق أحد الحاضرين على الفيلم بقوله إذا كان رفاعة الطهطاوى جسرا للتواصل بين الحضارتين فان فيلما عن رفاعة يعرضه المركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة الان كفيل بتدمير ذلك الجسر ؛ معتبرين أن اختيار المركز لهذا الفيلم حتى ولو كان مخرجه يحمل الجنسية المصرية ؛ يعد نوعا من الشعور الفرنسى بالعنصرية تجاه الاخر ولا يمثل أختياره باى حال من الاحوال نوعها من التعاون الثقافى بين مصر وفرنسا حتى ولو صاحب عرض الفيلم أعلانا للمركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة عن تقديم فرنسا لعدد 50 منحة ماجستير لطلاب مصريين للدراسة فى بلد الانوار !.